سورة المائدة - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


قوله تعالى: {وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ} يريد بالإِثم معصية الله تعالى.
{وَالْعُدْوَانِ} أي ظلم الناس.
{وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ} فيه تأويلان: أحدهما: الرُّشا.
والثاني: الربا.
{لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الْرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} أي لبئس صنيع الربانيين والأحبار إذ لم ينهوهم، قال ابن عباس والضحاك: ما في القرآن آية أشد توبيخاً للعلماء من هذه الآية، وكان ابن عباس يقرؤها: {لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}
وقوله: {لَوْلاَ} بمعنى هلا.
والربانيون: هم علماء الإِنجيل، والإحبار: هم علماء التوراة.


قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} فيه تأويلان:
أحدهما: أي مقبوضة عن العطاء على جهة البخل، قاله ابن عباس وقتادة.
والثاني: مقبوضة عن عذابهم، قاله الحسن.
قال الكلبي ومقاتل: القائل لذلك فنحاس وأصحابه من يهود بني قينقاع.
{غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} فيه قولان:
أحدهما: أنه قال ذلك إلزاماً لهم البخل على مطابقة الكلام، قاله الزجاج.
والثاني: أن معناه غلت أيديهم في جهنم على وجه الحقيقة، قاله الحسن.
{وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ} قال الكلبي: يعني يعذبهم بالجزية.
ويحتمل أن يكون لَعْنُهم هو طردهم حين أجلوا من ديارهم.
{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أن اليدين ها هنا النعمة من قولهم لفلان عندي يد أي نعمة، ومعناه بل نعمتاه مبسوطتان، نعمة الدين، ونعمة الدنيا.
والثاني: اليد ها هنا القوة كقوله تعالى: {أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} [ص: 45] ومعناه بل قوتان بالثواب والعقاب.
والثالث: أن اليد ها هنا الملك من قولهم فى مملوك الرجل هو: ملك يمينه، ومعناه ملك الدنيا والآخرة.
والرابع: أن التثنية للمبالغة فى صفة النعمة كما تقول العرب لبيك وسعديك، وكقول الأعشى:
يداك يدا مجد فكف مفيدة *** وكف إذا ما ضنَّ بالزاد تنفق
{يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: يمعنى أنه يعطي من يشاء من عباده إذا علم أن في إعطائه مصلحة دينه.
والثاني: ينعم على من يشاء بما يصلحة في دينه.
{ولَيزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً} يعني حسدهم إياه وعنادهم له.
{وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ} فيه قولان:
أحدهما: أنه عنى اليهود بما حصل منهم من الخلاف.
والثاني: أنه أراد بين اليهود والنصارى في تباين قولهم في المسيح، قاله الحسن.
قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} فيه تأويلان:
أحدهما: أقاموها نصب أعينهم حتى إذا نظروا ما فيها من أحكام الله تعالى وأوامره لم يزلوا.
والثاني: إن إقامتها العمل بما فيها من غير تحريف ولا تبديل.
ثم قال تعالى: {وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ} يعني القرآن لأنهم لما خوطبوا به صار منزلاً عليهم.
{لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم} فيه تأويلان:
أحدهما: أنه أراد التوسعة عليهم كما يقال هو في الخير من قرنه إلى قدمه.
والثاني: لأكلوا من فوقهم بإنزال المطر، ومن تحت أرجلهم بإنبات الثمر. قاله ابن عباس.
{مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ} فيه تأويلان:
أحدهما: مقتصدة على أمر الله تعالى، قاله قتادة.
الثاني: عادلة، قاله الكلبي.


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} أوجب الله تعالى بهذه الآية على رسوله تبليغ ما أنزل عليه من كتابه سواء كان حكماً، أو حداً، أو قصاصاً، فأما تبليغ غيره من الوحي فتخصيص وجوبه: بما يتعلق بالأحكام دون غيرها.
ثم قال تعالى: {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} يعني إن كتمت آية مما أنزل عليك فما بلغت رسالته لأنه يكون، غير ممتثل لجميع الأمر.
ويحتمل وجهين آخرين.
أحدهما: أن يكون معناه بلغ ما انزل إليك من ربك فيما وعدك من النصر، فإن لم تفعل فما بلغت حق رسالته فيما كلفك من الأمر، لأن استشعار النصر يبعث على امتثال الأمر.
والثاني: أن يكون معناه بلغ ما أنزل إليك من ربك بلاغاً يوجب الانقياد إليه بالجهاد عليه، وإن لم تفعل ما يقود إليه من الجهاد عليه فما بلغت ما عليك من حق الرسالة إليك.
{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} يعني أن ينالوك بسوء من قتل أو غيره. واختلف أهل التفسير في سبب نزول ذلك على قولين:
أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل منزلاً في سفره واستظل بشجرة يقيل تحتها، فأتاه أعرابي فاخترط سيفه ثم قال: من يمنعك مني؟ فقال: الله، فرعدت يد الأعرابي وسقط سيفه وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه، فأنزل الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مَنَ النَّاسِ}، قاله محمد بن كعب القرظي.
والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهاب قريشاً، فأنزل الله تعالى هذه الآية، قاله ابن جريج.
وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحْرَس حتى نزلت هذه الآية {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة وقال: يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله.
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} فيه تأويلان:
أحدهما: لا يعينهم على بلوغ غرضهم.
الثاني: لا يهديهم إلى الجنة.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10